Skip to main content

 

كيف تؤثر الحروب على حياة الناس اليومية؟ كيف تؤثر على ذكريات الأطفال وتصوراتهم عن الحياة، وكيف يعكس المتضررون/ات هذه الذكريات والأحداث؟

لقد حصدت الحرب في دارفور، والتي بدأت في عام 2003، أكثر من 300000 نسمة. كان العنف الجنسي منتشراً على نطاق واسع، وسياسة الأرض المحروقة التي تم تبنيها تعني أن العديد من القرى دُمرت وأحرقت. نتيجة لذلك، فر 2.5 مليون من سكان دارفور من منازلهم بحثاً عن الأمان والأمن داخلياً أو في البلدان المجاورة.

هذه الرسمة هي نموذج من 500 رسمة قام برسمها أطفال دارفور وحصلت عليها waging peace وتمت أرشفتها في wiener library. الرسمة التي على اليسار قامت برسمها فتاة والتي على اليمين هي لفتى، كلاهما فرا من قريتيهما خلال اندلاع العنف في 2003.

في عام 2007، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني السابق عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؛ ثم في عام 2010 أضافت المسؤولية الجنائية عن الإبادة الجماعية كنتيجة للفظائع التي ارتكبت في دارفور. إلى جانبه، هناك أحمد هارون وعلي كوشيب وعبد الرحيم محمد حسين مطلوبون من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

استضافت تشاد أكثر من 230,000 لاجئ سوداني فروا من النزاع في دارفور، يعيشون في 12 مخيماً للاجئين تديرها المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة. في 2007، زارت الباحثة آنا شميت المخيمات السودانية في شرق تشاد لمدة ثلاثة أسابيع، كجزء من مهمة تقصي الحقائق، لتقييم الوضع الإنساني وحقوق الإنسان والأمن في المنطقة، وجمع شهادات من اللاجئين والمشردين من دارفور التشاديين.

كان جزء من مقابلات آنا مع الأمهات اللاتي أخبرنها عن تجارب أطفالهن أثناء النزاع، مما حفزها على التحدث مع الأطفال، وبعد ذلك، ومن أجل أن يفكروا في ذكرياتهم، أعطتهم أوراقًا وأقلام رصاص ليعبروا بالرسم.

لقد عكست رسوماتهم فظائع الصراع في دارفور، علاوة على أنها تعكس صدمة هؤلاء الأطفال. كجزء من مقابلة مع Ananmosa، الذي نشر كتاب “Deflagrations: Children’s drawings and adult wars “، وهو كتاب يحتوي على 150 رسمًا لأطفال في مناطق نزاع مختلفة يرجع تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى وحتى النزاعات الحالية في سوريا ودول أخرى، بما في ذلك مجموعة آنا من دارفور، قال:

أتذكر فتاة صغيرة جدًا، ربما لم تبلغ السادسة من عمرها. كانت قد رسمت امرأة ملقاة على الأرض بوجه أحمر. أخبرتني أن هذه المرأة قد ماتت. سألتها لماذا كان الوجه أحمر، ونظرت إليّ كما لو كنت غبيا. قالت: “لأنهم أطلقوا عليها الرصاص في الرأس”. كانت في السادسة من عمرها وقالت ذلك بشكل طبيعي وهادئ. لا أدري أي نوع من الصدمات مرت بها.

لقد مر الأطفال بالعديد من التجارب المؤلمة التي كان من الصعب التقاطها شفهياً، ولكن تم التعبير عنها بسهولة أكبر من خلال الفن. تحمل رسوماتهم أيضًا قوة الشهادة. في عام 2007، قبلت المحكمة الجنائية الدولية رسوم أطفال دارفور كدليل سياقي على الجرائم المرتكبة في تلك المنطقة. وتم عرض هذه الرسومات في العديد من الأماكن حول العالم.

كما جمعت آنا شميت شهادات وعريضة تحمل 60 ألف توقيع من السودانيين في المخيمات الذين كانوا ينادون بالتدخل الدولي من جانب الأمم المتحدة لحماية أهالي دارفور. تقدم العريضة وثائق قيمة عن الجرائم التي وقعت في دارفور، وكان الناس يشرحون سبب رغبتهم في التدخل الدولي، وتوضيح مظالمهم وإحساسهم الشديد بعدم العدالة.

في ديسمبر 2018، قام المديرون المشاركون في Waging Peace بزيارة المنطقة والتقى بالسودانيين من جبال النوبة الذين فروا عبر الحدود إلى جنوب السودان خلال حملة النظام السابق للإرهاب ضد شعب النوبة. صورت مشاهد مماثلة من الرعب في رسومات أطفال النوبة التي حصلت عليها منظمة Waging Peace بعد 11 عامًا من جمعها من دارفور. ماذا يوضح هذا؟ لم يكن الدارفوريون وحدهم يعانون من الفظائع التي ارتكبت ضدهم من قبل حكومتهم. وكذلك كان النوبة. تقدم رسومات الأطفال التي تم جمعها من أطفال من جبال النوبة خطوة أخرى إلى الأمام نحو توثيق الجزء المظلم والمقلق وغير المبلغ عنه إلى حد كبير من تاريخ السودان. منذ ديسمبر 2018، عُرضت رسوم أطفال النوبة إلى جانب رسومات أطفال دارفور في العديد من المعارض وصالات العرض المتعلقة بالأحداث ذات الصلة بالسودان.

في آب (أغسطس) 2019، وافقت Wiener Library، أبرز أرشيف في المملكة المتحدة للمواد المتعلقة بالهولوكوست، على تخزين عريضة قوامها 60.000 شخص، بالشراكة معنا في Waging Peace. نحن الآن في عملية طويلة من ترجمة وترتيب هذه الوثائق للأجيال القادمة التاريخية. في الثالث والعشرين من كانون الثاني (يناير) 2020، تخطط كل من Waging Peace و wiener Library لحدث مشترك حيث تستعرض الباحثة آنا شميت تجربتها في جمع التوقيعات على العريضة ورسومات أطفال دارفور.

تشير هذه الشهادات الفريدة للدارفوريين إلى الانتهاكات التي تعرضوا لها ووحشية قوات البشير. رسوماتهم تجسد مخاوف وأحلام هؤلاء الأطفال، الذين لا ينبغي نسيانهم، والذين لا ينبغي تجاهل أحلامهم. وتوثيق شهادات دارفور مهمة ملحة لبناء ذاكرة جماعية تعترف بالحرب في دارفور وجبال النوبة، والتي تتذكر جميع ضحاياها، وتمهد الطريق لعملية حقيقية من العدالة الانتقالية.

في الوقت الذي يشهد فيه السودان انتقالًا ديمقراطيًا بطيئًا ولكنه مُحمل بالأمل بعد ثورة ديسمبر التي أطاحت بالنظام الإسلامي وشكلت حكومة انتقالية، تظل قضية العدالة الانتقالية في صميم هذه العملية. تتطلب الخطوة الأولى توثيقًا ملموسًا للانتهاكات والفظائع التي ارتكبتها الميليشيات المرتبطة بالنظام السابق والقوات الحكومية الأخرى. نأمل أن تشكل هذه الرسومات والشهادات جزءًا من رحلة التعافي والتحول في الوعي الوطني.

WagingPeace

Author WagingPeace

Waging Peace undertakes a range of activities in support of its mission to support Sudanese asylum-seekers, refugees, and the wider community to build meaningful lives in the UK.

More posts by WagingPeace